
شاعر الحب والشباب مع كوكب الشرق
لم يكن حب أم كلثوم ورامي سرا من الأسرار العليا!
لم ينكره رامي ..ولم تتبرأ منه سيدة الغناء العربي، كما تفعل بعض المطربات الصغيرات والمغمورات.. كانت أم كلثوم تعرف أن عاطفة رامي أصدق وأنقي من كل عواطف العشاق مجتمعين.. وكان رامي يعتبر أن حب أم كلثوم شرف كبير.. وطاقة إبداع نادرة تتفتح منها أحلي كلمات الحب في الشعر الغنائي العربي.!
لكن.. لماذا لم يتزوجا؟!!
وكيف كانا يلتقيان والعيون ترصدهما؟!
وماذا حدث بعد أن تزوج كل منهما؟! وتأكد علي يد الزمن أن أم كلثوم لن تكون في عصمة رامي أبدا.. ولن يكون رامي يوما من الأيام حلمها الذي تحقق!
البداية لم تكن متوقعة.. ولا النهاية!
لم يكن رامي في القاهرة حينما غنت أم كلثوم لأول مرة من أشعاره.. ونترك هنا أحمد رامي يحكي بنفسه بداية حكاية غرامه بأشهر مطربة عربية في تاريخ الغناء.. لم يذع رامي هذه التفاصيل إلا لصديقه الكاتب الصحفي الكبير محمد تبارك فماذا قال؟!
يقول رامي: .. كنت لا أزال في بعثتي الدراسية في باريس.. عندما تلقيت رسالة من أحد الأصدقاء يقول لي فيها.. لقد ظهرت مطربة عظيمة تغني في القاهرة ومن بين ما تغنيه قصيده من أشعاري.. واعترف أنني تعجبت كثيرا لهذا النبأ الذي قرأته في رسالة صديقي.. وتساءلت: كيف وصلت قصيدتي لهذه المطربة الناشئة؟.. وأنهيت بعثتي في باريس وعدت الي القاهرة عام 2391 وفي اليوم الأول لوصولي التقيت بصديقي فسألته عن المطربة الجديدة التي تسمي بأم كلثوم فسألني:
هل تحب الاستماع لها الليلة؟

كل خميس
وفي الموعد المحدد ذهبت الي حديقة الأزبكية حيث كانت تغني هناك كل خميس.. جلست في الهواء الطلق مع صديقي.. وظهرت أم كلثوم علي المسرح.. فتاة صغيرة ترتدي «العقال» فوق رأسها.. ومن خلفها جلس أفراد أسرتها من الموسيقيين ونظرت مدققا لهذه الفتاة.. الذكاء الشديد يشع من عينيها.. حركاتها كلها ثقة.. وأفقت من تأملاتي.. عندما همس صديقي في أذني قائلا: لماذا لا تتقدم من أم كلثوم وتطلب منها أن تغني لك قصيدتك؟!
وبعد تردد اقتربت منها وقلت لها: «مساء الخير».. وردت في هدوء «مساء النور» وعدت أقول لها:
أنا غريب عن مصر منذ سنوات.. ومشتاق لسماع قصيدتي!
أدركت أم كلثوم في الحال من أكون فصاحت في تلقائية:
أهلا سي رامي.
وعدت الي مقعدي من جديد. وغنت أم كلثوم قصيدتي التي تبدأ بالأبيات التي تقول:
الصب تفضحه عيونه..
وتنم عن وجده شؤونه..
إنا تكتمنا الهوي..
والداء أكثره دفين..
غنت أم كلثوم القصيدة.. بأداء متميز يؤكد أصالتها وموهبتها الفنية.. ومرة أخري اقتربت منها وشكرت لها أنها غنت قصيدتي ثم وجدت نفسي أقول لها: «أرجو أن نلتقي مرة أخري».. وردت قائلة:
سوف أسافر صباح الغد الي مصيف رأس البر حيث أبقي هناك أكثر من شهرين!
قلت لها في تلقائية:.. «يبدو أن حظي سيئ دائما».. فإذا بها تقول لي:
لكن أعدك باللقاء فور عودتي إن شاء الله.
ويمضي أحمد رامي قائلا في اعترافاته المثيرة:
... ومضت أيام الصيف بطيئة ثقيلة.. وعادت أم كلثوم من مصيفها لتقيم مع أسرتها بفندق «جوردن» بوسط القاهرة.. وبعده انتقلت لتقيم في أول شقة لها بشارع «قولة» في حي عابدين.. وتكرر لقائي بأم كلثوم.. قدمت لها كل أشعاري التي كتبتها لتختار من بينهما ما تشعر بأنها مقتنعة به لتغنيه.. وخلال هذه الفترة كنت أتنقل وراء أم كلثوم في كل مكان تذهب إليه لتغني فيه دون أن أدري أن القدر قد رسم لي حكاية طويلة معها.. إنها حكاية عمري كله!